تعريف الشخصية المعنوية وأركانها والأساس القانوني للشخصية المعنوية والنتائج المترتبة عنها وأنواع الأشخاص المعنوية

لائحة المراجع المعتمدة:
=القانون الإدراي،دراسة مقارنة للأستاذة مليكة الصروخ.
=القانون الإداري للأستاذ عبد الحق عقلة.
=القانون رقم 38.12 المتعلق بالنظام الأساسي لغرف التجارة والصناعة والخدمات.
=القانون الإداري للأستاذ جورج فودال وبيار دلفوفي.
=المختصر في القانون الإداري المغربي للأستاذ عبد القادر باينة.
=الظهير الشريف رقم 1.58.376 المتعلق بتأسيس الجمعيات.
=دستور المملكة المغربية.
=الوجيز في التنظيم الإداري المغربي للأستاذ أحمد أجعون.

الفقرة الأولى: تعريف الشخصية المعنوية وأركانها:

أولا: تعريف الشخصية المعنوية:

يقصد بالشخص كل كائن لديه القدرة على تحمل الواجبات وإكتساب الحقوق وينقسم الشخص إلى قسمين، شخص ذاتي أو طبيعي أي الفرد، وشخص معنوي أو اعتباري وهو مجموعة من الأشخاص الذين يسعون إلى تحقيق هدف معين، أو مجموعة من الأموال يتم تخصيصها لتحقيق هدف معين يمنحها المشرع الشخصية القانونية المستقلة. 
ويقصد بالشخصية المعنوية إعتراف المشرع بالشخصية القانونية لمجموعة من الأشخاص يعملون على تحقيق هدف معين، أو مجموعة من الأموال التي تخصص لتحقيق غاية محددة والشخص المعنوي ينقسم إلى قسمين شخص معنوي عام يخضع للقانون العام كالدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، وشخص معنوي خاص يخضع للقانون الخاص كالجمعيات والشركات.

ثانيا: أركان الشخصية المعنوية:

لقيام الشخصية المعنوية لابد من توافر أربعة أركان أساسية وهي:
1-وجود مصالح مشتركة:
2-ارتباط هذه المصالح فيما بينها:
3-وجود إرادة موحدة:
4-إعتراف المشرع:

1-وجود مصالح مشتركة:

إن الإعتراف لأي تجمع بالشخصية المعنوية يستلزم وجود قواسم مشتركة بين الأشخاص المكونين له أي مصالح تختلف باختلاف الوظيفة التي ستسند لهذا الكائن الاعتباري الجديد، فقد تكون تلك القواسم سياسية كالأحزاب السياسية أو اقتصادية كالشركات أو اجتماعية بالجمعيات.

2-إرتباط هذه المصالح فيما بينها:

يندرج هذا الركن في إطار ما يعرف بالتخصص حيث تتميز وظيفة كل شخص معنوى عن وظيفة الشخص المعنوي الآخر، هكذا تتولى الدولة إنجاز مهام وطنية فيما تتكفل الجماعات الترابية بتدبير الشؤون المحلية وتستهدف الشركات تحقيق الربح أما الجمعيات فهدفها هو تحقيق أغراض اجتماعية ومصلحية.
وطبقا لمقتضيات الدستور المغربي لسنة 2011 تساهم المنظمات النقابية للأجراء والغرف المهنية والمنظمات المهنية للمشغلين في الدفاع عن الحقوق واامصالح الاجتماعية للفئات التي تمثلها، وفي النهوض بها.

3-وجود الإرادة الموحدة:

أي إرادة الشخص المعنوي التي تترجم بوجود آليات وهياكل تنظيمية تتصرف باسم الشخص المعنوي في جميع المجالات، فإرادة الشخص تتجلى في تلك الأعمال والتصرفات المادية والقانونية التي توكل للأجهزة المقررة والمنفذة للشخص المعنوي تبعا لقوانينه الداخلية أو القوانين التي قررها المشرع فالجمعية مثلا تعبر عن إرادتها من خلال الهياكل المنصوص عليها في القانون المؤسس لها والتي تتمثل غالبا في المكتب المسير الذي يتكون على الأقل من الرئيس ونائب الرئيس وأمين المال، ومختلف اللجان الاستشارية.

4-اعتراف المشرع:

يعتبر هذا الركن عماد قيام الشخصية المعنوية، عامة كانت أو خاصة رغم أن البعض يذهب في اتجاه عدم الإعتراف بهذا الركن بالنسبة لجميع الأشخاص المعنوية في حين يحصر البعض الآخر عدم الإعتراف على الشخص المعنوي الخاص دون الشخص المعنوي العام، بدعوى أنها تقتسم السلطة مع الأجهزة العمومية داخل الدولة.
ومع ذلك يعتبر الإعتراف بمثابة شهادة الميلاد بالنسبة للمولود الجديد وهو يتم بإحدى الوسيلتين التاليتين:

أ-الاعتراف الخاص:

أي الإقرار من قبل المشرع لمجموعة من الأشخاص أو الأموال بالشخصية المعنوية وهذه الوسيلة هي الطريقة الأكثر شيوعا لولادة الأشخاص المعنوية العامة كالمؤسسات العمومية والجماعات الترابية.

ب-الإعتراف العام:

أي أن يضع المشرع قانونا عاما لولادة الشخص المعنوي يتضمن شروط ازدياده وهذه هي الطريقة المتعارف عليها بالنسبة لإحداث الأشخاص المعنوية الخاصة.

الفقرة الثانية: الأساس القانوني للشخصية المعنوية:

إن طبيعة الشخصية المعنوية وأساسها القانوني تتقاسمهما مجموعة من النظريات وهي كالآتي:

أولا: النظرية الإفتراضية:

1-مضمون هذه النظرية:

يقول أصحاب هذه النظرية بأن الشخصية المعنوية إفتراض قانوني تبناه المشرع لتمكين الإنسان من إدارة وتسيير بعض شؤونه.
ومن خلال هذه النظرية يتبين أن الإنسان هو الشخص القانوني الوحيد لأنه يتمتع بالإرادة والإدراك، وينتج عن هذا أن المشرع هو من صنع الشخصية المعنوية.
وبالتالي فالشخصية المعنوية لا يعترف بها إلا للفرد الذي له إرادة واضحة وهذا ما تبناه المذهب الفردي في القرن التاسع عشر أما ما يسمى بالشخص الإفتراضي فهو مجاز لا يقوم على وجود حقيقي ملموس بل على وجود إفتراضي أراده المشرع.

2-الإنتقادات الموجهة لهذه النظرية:

ولقد وجهت عدة انتقادات لهذه النظرية تتمثل فيما يلي:
=النظرية لا تقدم الأساس القانوني الذي بسببه تمتلك الأشخاص المعنوية أموالها.
=الشخص المعنوي الإفتراضي لا يمكن لنا تصور مسؤوليته الجنائية والمدنية.
=بما أن الدولة هي من تمنح الشخصية المعنوية ،فكيف تمنحها لنفسها قبل وجودها.

ثانيا: نظرية إنكار الشخصية المعنوية:

1-مضمون هذه النظرية:

تقوم نظرية إنكار الشخصية المعنوية على أساس الرفض المطلق للشخصية المعنوية لأن قيامها حسب قولهم لا ينسجم مع الواقع الملموس ولأن القانون في الوقت الحاضر تجاوز مرحلة الخيال والأوهام، مما دفع بأصحاب هذه النظرية إلى البحث عن بدائل تطابق الواقع، مثل فكرة الذمة المالية المخصصة لغرض معين، وفكرة الصياغة القانونية، وفكرة الملكية المشتركة.
فأما أصحاب نظرية الملكية المشتركة فيقولون أن الشخص المعنوي عبارة عن ملكية جماعية لا يتبين فيها نصيب كل واحد من الأعضاء لأن أموالهم تعتبر ملكا للجماعة، لكن هذه النظرية يعاب عليها أن الدولة ليست فقط ذمة مالية جماعية يملكها المواطنون.
أما أصحاب نظرية الذمة المالية المخصصة لهدف معين فيقولون بأن الأشخاص الطبيعيين هم أصحاب الحقوق وأشخاص القانون ويملكون أموال الجماعة ملكية جماعية في إطار ذمة مشتركة ومستقلة عن الأشخاص الذين تتكون منهم، فالذمة المالية تنشأ بدون شخص قانوني ولكنها تعتبر محل الحق.

2-الإنتقادات الموجهة لهذه النظرية:

ولقد وجهت لهذه النظرية عدة انتقادات:
=الغرض الذي خصصت له الذمة المالية لا يمكن إعتباره شخصا.
=قيام حق دون شخص يختص به لا يمكن تصوره.
أما فكرة الصياغة القانونية  فتعتبر الشخص المعنوي مجرد إجراء قانوني لتمكين بعض الجماعات من تحقيق أهدافها. وتم انتقاد هذه النظرية من زاوية إنكارها للشخص المعنوي في حدود معينة، ولا يكون كذلك إلا من ناحية الصياغة القانونية  حيث يتعامل معه القانون على أنه محل لتجمع الحقوق الشخصية.

ثالثا: نظرية الشخصية المعنوية الحقيقة:

1-مضمون هذه النظرية:

إن أصحاب هذه النظرية يعتبرون الشخصية المعنوية شخصية حقيقية تفرض نفسها على الدولة  التي تعترف بها كأمر واقع  وقائم بذاته وليست مجرد خيال وافتراض قانوني صنعه المشرع، وأساس وجودها هو وجود مصلحة مشروعة جديرة بحماية القانون.
ولقد اتفق أنصار هذه النظرية على مضمونها، ولكن اختلفوا على الأدلة المبررة لذلك.

2-اختلاف الأنصار حول الأدلة المبررة:

أ-الإتجاه الأول:

لقد اعتبر هذا الإتجاه الشخصية المعنوية إرادة مشتركة  لمجموع الأفراد  لتحقيق هدف معين وليست منحة من المشرع، وقد عيب هذا الإتجاه لأن الشخصية المعنوية قد تنشأ دون توفر هذه الإرادة.

ب-الإتجاه الآخر:

يقول هذا الإتجاه بأن الشخصية المعنوية عبارة عن حقيقة اجتماعية موجودة وإن لم تكن بشكل مادي، ويتحقق وجودها بتوفر النظام الإجتماعي، ولكن ما يعاب على أصحاب هذه النظرية أنهم لا يقدمون معيارا للتفرقة بين الأشخاص المعنوية والمجموعات التي تتمتع بالشخصية المعنوية.

ت-خلاصة القول: 

تنظر نظرية الشخصية المعنوية الحقيقية إلى الكيانات المعنوية على أنها ذات وجود واقعي ومستقل، يستمد شرعيته من المصلحة المشروعة التي تسعى لتحقيقها. ومع اتفاق أنصار هذه النظرية على هذا المضمون الأساسي، فقد انقسموا حول تفسير مصدر هذا الوجود الحقيقي، مما أدى إلى ظهور اتجاهين تعرضا لبعض الانتقادات.

الفقرة الثالثة: النتائج المترتبة عن الشخصية المعنوية:

يترتب عن الإعتراف بالشخصية المعنوية إمكانية ممارسة الشخص المعنوي لبعض التصرفات القانونية، غير أنه إذا كانت بعض نتائج هذا الإعتراف تهم كل الأشخاص المعنوية (أولا)، فإن البعض منها خاص بالأشخاص المعنوية العامة (ثانيا).

أولا: النتائج المشتركة بين الأشخاص المعنوية:

يعترف القانون للأشخاص المعنوية الخاصة والعامة بنفس الحقوق التي يتمتع بها الشخص الطبيعي ماعدا تلك المرتبطة بطبيعة الإنسان، وتتلخص أهم هذه الحقوق فيما يلي:

1-الذمة المالية المستقلة:

بمعنى وجود ذمة مالية أي ميزانية خاصة مستقلة ومنفصلة للشخص المعنوي عن ذمة الأشخاص الطبيعيين المكونين له.
وينتج عن ذلك تمتع الشخص المعنوي بمجموعة من الحقوق المالية مقابل الواجبات والإلتزامات المالية التي تفرض عليه إزاء الغير.

2-الأهلية القانونية المستقلة:

بمعنى أن للشخص المعنوي سلطة القيام بالتصرفات القانونية كالإلتزام وإبرام العقود، فالدولة مثلا تقوم بإبرام المعاهدات مع غيرها من الدول، والجماعات الترابية تتعامل مع الدولة والأشخاص المعنوية الأخرى كأشخاص كاملي الأهلية القانونية بشكل لا يتعارض مع إمكانية ممارسة الوصاية عليها في الإطار المحدد من قبل المشرع.

3-أهلية التقاضي:

بمعنى أن للشخص المعنوي الحق في رفع الدعاوى للدفاع عن مصالحه أمام القضاء، بشكل مستقل عن أعضائه وإمكانية مقاضاته من قبل الغير.

4-الموطن المستقل:

كل شخص معنوي يتوفر على موطن مستقل عن موطن الأشخاص المكونين له بنية تسهيل عملية التعامل معه عند تبليغه أو المراسلة معه، أو حتى معرفة المحاكم المختصة في الدعاوى المرفوعة من قبله أو ضده.

5-وجود نائب يعبر عن الشخص المعنوي:

ينوب شخص طبيعي عن الشخص المعنوي في التعبير عن إرادته والتصرف باسمه وتمثيله أمام القضاء. وعادة ما تبين وثيقة إنشاء الشخص المعنوي الممثل الناطق الرسمي باسمه الذي يتخذ تسميات مختلفة فقد يسمى رئيس الإدارة الجماعية كما هو الأمر في شركة اتصالات المغرب، أو مدير كما هو الأمر بالنسبة لبعض الأشخاص المعنوية العامة كالمكتب الوطني للماء والكهرباء، أو رئيس كما هو الأمر بالنسبة للجماعات الترابية.

6-مسؤولية الشخص المعنوي:

أينما تكون السلطة توجد المسؤولية انطلاقا من هذه الفكرة فجميع الأشخاص المعنوية تتحمل مسؤولية تصرفاتها أي أنها مسؤولة عن الأعمال المتخذة من قبلها. وهذه المسؤولية قد تكون مسؤولية إدارية بالنسبة للأضرار الناتجة عن الأعمال التي يتخذها الشخص المعنوي العام، وقد تكون مسؤولية مدنية بالنسبة للأشخاص المعنوية الخاصة، أو مسؤولية جنائية عن الأعمال المنسوبة إليها كما هو الأمر بالنسبة للجمعيات أو النقابات التي قد تواجه عقوبة حلها نتيجة قيامها بأعمال غير شرعية:

ثانيا: النتائج الخاصة بالأشخاص المعنوية العامة:

الأشخاص المعنوية العامة تتفرد بمجموعة من النتائج ثابتة في وجودها، ومتميزة مقارنة مع قرينتها من الأشخاص المعنوية الخاصة وهذه النتائج تتمثل فيما يلي:

1-التمتع بامتيازات السلطة العامة:

إن الغاية من إضفاء الصفة العامة على شخص معنوي ما هو تمتيعه بامتيازات السلطة العامة التي تجد تبريرها في تحقيق المصلحة العامة، فجميع تصرفات الشخص المعنوي العام تتمتع بالإمتياز العام المتجسد في الوصف الإداري لأنشطته ( مثل القرارات الإدارية، العقود الإدارية، ..إلخ)، والإستفادة من وسائل القانون العام (كعدم جواز الحجز على المال العام، التنفيذ الجبري، نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، الإحتلال المؤقت لملك الغير من أجل المنفعة العامة...).

2-الخضوع للوصاية الإدارية أو المراقبة الإدارية:

إن ما يميز الشخص المعنوي العام عن الشخص المعنوي الخاص هو خضوعه لمراقبة إدارية من قبل السلطات المختصة بغية ضمان تحقيق المصلحة العامة، وهي نوع من الرقابة التي لا تصل حد السلطة الرئاسية، لأن استقلال الشخص المعنوي العام عن الدولة ليس مطلقا حيث تحتفظ الدولة بحق الرقابة والإشراف 

3-الطابع التنظيمي لعلاقة المستخدم بالشخص المعنوي العام:

يترتب عن منح الشخصية المعنوية العامة نتيجة خاصة تتمثل في كون العلاقة التي تربط الموظف أو المستخدم بالشخص المعنوي العام عبارة عن علاقة تنظيمية خاضعة بالأساس لظهير 24 فبراير 1958 المتعلق بالوظيفة العمومية وما في تطبيقه من مراسيم تنظيمية بشكل لا ينفي إمكانية وجود قوانين خاصة ببعض الفئات العاملة لدى بعض الأشخاص المعنوية العامة.

الفقرة الرابعة: أنواع الأشخاص المعنوية:

يميز عادة بين نوعين من الأشخاص المعنوية، الأشخاص المعنوية الخاصة والأشخاص المعنوية العامة، معيار التمييز بينهما قائم على أساس النظام القانوني الذي تخضع له كل من الفئتين.

أولا: الأشخاص المعنوية الخاصة: 

تخضع الاشخاص المعنوية الخاصة إلى أحكام القانون الخاص، وتتكون من مجموعات أفراد أو مجموعات أموال تهدف إلى تحقيق مصالح خاصة للأشخاص المكونين لها. فالشركة مثلا تتميز بكونها عبارة عن شخص معنوي ينشأ عن عقد موضوعه تحقيق الأرباح أو تقاسمها، وفي بعض الأحيان يكون الهدف من خلق الشخص المعنوي تحقيق أهداف غير تتقاسم الأرباح مثل النقابات التي تتوخى الدفاع عن المصالح المهنية لذا اعترف لها القانون بأهلية واسعة، أو الجمعيات التي عرفها المشرع المغربي في الفصل الأول من ظهير 15 نونبر 1958 بأنها "اتفاق لتحقيق تعاون  مستمر بين شخصين وعدة اشخاص لاستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الأرباح فيما بينهم وتسري عليها فيما يرجع لصحتها القواعد القانونية العامة المطبقة على العقود والالتزامات.

ثانيا: الأشخاص المعنوية العامة:

تخضع الأشخاص المعنوية العامة لأحكام القانون العام، وتهدف الصالح العام، وتتميز بحيازة امتيازات السلطة العامة، وخضوعها للوصاية الناتجة عن استقلالها، وتنقسم الأشخاص المعنوية العامة إلى نوعين:

1-الأشخاص المعنوية العامة الإقليمية أو الترابية:

وهي عبارة عن وحدات ترابية أو جغرافية تتمتع بالشخصية المعنوية، تضم مجموعة من الأفراد أو السكان، وتختص في تسيير قضايا وطنية أو محلية. وهي نوعين الدولة والجماعات الترابية.

أ-الدولة:

توجد الدولة على رأس الأشخاص المعنوية العامة الترابية وتباشر اختصاصاتها على مجموع التراب الوطني.
وتعتبر الدولة من أشخاص القانون العام الأساسية، فهي التي تعطي الشخصية المعنوية لباقي الأشخاص وقد انقسم الفقهاء قديما إلى مذهبين مذهب ينكر أن يكون للدولة شخصية معنوية، ومذهب آخر يعترف لها بهذه الشخصية المعنوية والمذهب الأخير هو السائد حاليا لاتفاقه مع المنطق القانوني المرتكز على الإعتبارات التالية:
-استمرار شخصية الدولة رغم تغير حكامها أو نظام الحكم فيها أو تعاقب الحكومات.
-وجود ذمة مالية مستقلة للدولة متميزة عن الذمم المالية الشخصية لحكام الدولة.
-منحها الشخصية المعنوية لباقي الأشخاص.
كما يتأكد هذا الرأي انطلاقا من التطبيقات العملية على مستوى المجتمـع الدولي فالشخصية المعنوية هي ركن من أركان القانون الدولي العام.
وإذا كان الدستور المغربي لا ينص صراحة على تمتع الدولة بالشخصية المعنوية، إلا أنه يتضمن العديد من النصوص التي تعترف لها ضمنيا بالشخصية المعنوية من ذلك ما جاء  الدستور المغربي لسنة 2011 من أن:
-المملكة المغربية دولة اسلامية ذات سيادة كاملة ومن نتائج السيادة الاستقلال في إتخاذ القرار السياسي، وهو مظهر من مظاهر الشخصية المعنوية.
-الدولة المغربية العضو العامل النشيط في المنظمات الدولية تتعود بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوق وواجبات.
-المملكة المغربية الدولة الموحدة ذات السيادة الكاملة.
وهكذا نرى أن الدولة تتمتع بنتائج الشخصية المعنوية وبالاستقلال وبالواجبات والحقوق.

ب-الجماعات الترابية:

خصص الدستور المغربي لسنة 2011 الباب التاسع للجهات والجماعات الترابية الأخرى.
والجماعات الترابية طبقا للفصل 135 من الدستور هي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات وهي أشخاص اعتبارية تخضع للقانون العام وتسير شؤونها بكيفية ديمقراطية.
وتختلف هذه الأشخاص المعنوية العامة عن الوحدات الترابية الأخرى كالقيادات وملحقات القيادات والدوائر والمقاطعات الحضرية داخل المدن لأن هذه الأخيرة لا تتمتع بالشخصية المعنوية، بل تبقى مجرد مصالح خارجية وتقسيمات إدارية تابعة للإدارة المركزية.
وجدير بالذكر أيضا أن الولايات رغم التنصيص عليها في المراسيم المتعلقة بالتقسيم الإداري للمملكة منذ 1981، لم يدرجها المشرع ضمن الجماعات الترابية ولم يصدر أي قانون ينظمها أو يعترف لها بالشخصية المعنوية كما أن المجموعات الحضرية التى كانت في السابق جماعات ترابية تم إلغاء نظامها منذ صدور القانو رقم 78,00 المتعلق بالتنظيم الجماعي.
وعليه، فالجماعات الترابية وحدات جغرافية متمتعة بالشخصية المعنوية، وتمارس اختصاصات محددة من قبل المشرع لها علاقة بالشؤون المحلية تحت وصاية السلطات المركزية، وتنتخب هذه الجماعات مجالس تتكفل بتدبير شؤونها تدبيرا ديمقراطيا طبق الشروط التي يحددها القانون مع الإشارة أن الدستور  نص على أن مجالس الجهات والجماعات تنتخب بالاقتراع العام المباشر.
ولقد أحال الدستور بشأن تفاصيل انتخاب أعضاء هذه الجماعات الترابية على القانون التنظيمي رقم 11.59 المتعلق بانتخاب أعضاء المجالس الترابية.

2-الأشخاص المعنوية المرفقية أو المصلحية:

وتسمى أيضا بالمؤسسات العمومية، وهي عبارة عن مرافق تقوم بإدارة الأنشطة المسندة إليها قانونا تحت وصاية الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية الترابية الأخرى. مع الإعتراف لها بالشخصية المعنوية العامة والإستقلال المالي والإداري.
وعموما فهي تشمل كل منظمة أو هيئة عمومية متمتعة بالشخصية المعنوية والإستقلال المالي والإداري، مكلفة بإدارة نشاط من الأنشطة التي تدخل في إطار المرافق العمومية مع خضوعها للوصاية الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية الإقليمية.
ويشترط لقيام المؤسسة العمومية توافر أربع شروط:
-وجود مرفق عام يدار تحت رقابة هيئة عامة.
-التخصص في نشاط محدد.
-الاعتراف للمرفق العام بالشخصية المعنوية التي تحقق له الاستقلال المالي والإداري.
-الخضوع للوصاية الإدارية.
وتتنوع المؤسسات العمومية حسب الجهة التي تختص بأحداثها بين المؤسسات العمومية الوطنية التي تحدثها السلطة التشريعية طبقا للفصل 71 من الدستور والمؤسسات العمومية المحلية التي تختص بإحداثها المجالس الإقليمية أو الجماعية المعنية بالأمر أو بحسب الأهداف التي ترمي إلى تحقيقها ونوع الوظائف التي تقوم بها إلى: مؤسسات عمومية اقتصادية، إدارية ونقابية، علمية وثقافية ومهنية.
فعلى سبيل المثال وفقا للقانون رقم 01.10 المتعلق بتنظيم التعليم العالي تحدث الجامعات بقانون طبقا للفصل 46 من الدستور وتعتبر مؤسسات عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والإستقلال الإداري والمالي، وتخضع لوصاية الدولة التي تضمن تقيد الأجهزة المختصة في هذه الجامعات بأحكام هذا القانون خصوصا ما يتعلق بالمهام المسندة إليها والسهر فيما يخصها بوجه عام على تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمؤسسات العمومية.
كما أن غرف التجارة والصناعة والخدمات طبقا للقانون رقم 38.12 المتعلق بالنظام الأساسي لغرف التجارة والصناعة والخدمات تعد مؤسسات عمومية ذات طابع مهني تتمتع بالشخصية المعنوية والإستقلال المالي وتخضع لوصاية الدولة لضمان تقيدها بأحكام القانون والحرص على تطبيق النصوص التشريعة والتنظيمية المتعلقة بالمؤسسات العمومية والمراقبة المالية للدولة.